أرشيف التصنيف: حوارات

في يوتوبيا تشاك مي (الجنة هنا على الأرض).. حوار أجراه: روب وينرت كندت. ترجمة: مصطفى أحمد نور الدين.

  يمكننا جميعًا استخدام القليل من تشاك مي في حياتنا، خاصة الآن. يشتهر الكاتب المسرحي الأسطوري لدائرة برلين (ويعرف أيضًا باسم الدائرة الكاملة)، والحب الكبير، بوب راوشينبيرج أميركا، من بين عشرات الأعمال الأخرى، بمقاربة طليعية مرحة للنص، سواء أكان يكيّف الكلاسيكيات أو يكتب كوميديا ​​رومانسية حزينة. يُعرف تشارلز إل مي أيضًا بنظرته الطويلة للتاريخ البشري الذي يتسم بالتفاؤل بشكل ملحوظ دون أن يكون سكريًا، وهذه هي الجودة التي يعيد زيارتها في يوتوبيا، وهي مسرحية جديدة بتكليف من مسرح كاتنج بول في سان فرانسيسكو لعرضه الأول عبر الإنترنت على منصة فيمو، حيث يبث عند الطلب من الجمعة، 16 أكتوبر إلى الأحد، 15 نوفمبر (التذاكر من 20 إلى 50 دولارًا لكل أسرة.)

استمر في القراءة في يوتوبيا تشاك مي (الجنة هنا على الأرض).. حوار أجراه: روب وينرت كندت. ترجمة: مصطفى أحمد نور الدين.

حوار مع الدكتور الناقد والشاعر بشير ضيف الله حاوره الروائي عبد الباقي قربوعة.. نيابة عن مجلة دراسات نقدية.

   عولمة    

– م دراسات:

ما هي الضائقة التي دفعتكم إلى الانشغال بهذه الزاوية – (عولمة/كتابة) – التي تكاد تكون غامضة بحداثتها والخوض فيها يُعد بمثابة المجازفة؟

– د/ بشير ضيف الله:

ليس لدينا هاجس من وراء ذلك إلا لزوم حضورنا ككتّاب عرب أمام ما تفرضه العولمة من أثر على الثقافة والكتابة الأدبية العالمية، والعربية على وجه الخصوص شعرا وسردا مع التركيز على المنجز السردي الذي يعيش حراكا لافتا.

– م دراسات:

هل يمكن أن تحدثنا كيف اقتنصت كلاّ من الكاتب والقارئ الرقمي، وكيف قبضتم على النص المخبوء في صفحات التواصل الاجتماعي؟

– د/ بشير ضيف الله:

تناولنا النصوص الإلكترونية، ثم النصوص المُبثّة على وسائل التواصل الاجتماعي أو ما أسميناه “الرواية الفيسبوكية” التي تُعتبر نصوصا تفاعلية لا رقمية باستغلالها أفضية تتجاوز “المحلية” ، ثمّ النصوص والتجارب  الرقمية بظهور أنماط كتابة جديدة ومفاهيم مستحدثة على غرار الأدب التفاعلي رواية  وشعرا، كالنص المهيبر أو المتفرع “Hypértexte “، والنّص المفتوح،… ما يعني أنّنا أمام تراكم إبداعي يحتاج إلى متابعة ومواكبة في الآن نفسه، فـ”الكاتب شاهد على عصره وزمانه” كما يقول الطاهر بن جلون.

– م دراسات:

هل ترى سيدي الفاضل أن الوقت قد صار حاسما للخوض في مجال الفضاءات الافتراضية وما تطرحه من نصوص وتفاعل وقد ركنا طويلا إلى المحاكاة المباشرة مع الكتاب الورقي؟

– د/ بشير ضيف الله:

نحن مطالبون أكثر من أي وقت بأن نستوعب الفكرة أولا، وأن نتفاعل معها، وأنْ نبحث في ميكانيزمات هذه التجربة الجديدة المختلفة شكلا والتي نقلتنا من عصر الميكانيك إلى عصر الدارة الكهربائية، والمتجاوِزة مضمونا، الباحثة عن أفق يتجاوز كلّ الحدود بفعل ما تقدمه الثورة “الرقمية” من مُحفّزات أهمها شبكات التواصل الاجتماعي، والوسائط التكنولوجية المختلفة التي تجعل من الغياب حضورا  صوتا وصورة دون مراعاة للمسافات والفوارق الزّمنية لم تكن متاحةً أو حتّى متخيلة أبدا في زمن غير بعيد.

– م دراسات:

هل يمكن أن نرهقك أكثر فنفسح لك المجال كي تتعرض وصفا لكتابك “العولمة وتحولات الكتابة”

– د/ بشير ضيف الله:

 قسّمتُ هذه الدراسة إلى فصول ثلاث، يتناول الفصل الأول قراءة في “العولمة”، دلالة واصطلاحا، فلسفة ونشأة، أفعالا وردود أفعال، وسائل وميكانيزمات.. مبرزا تأثيراتها الإيجابية والسلبية وردود الفعل إزاءها – مع التركيز على سياقها الثقافي والتربوي بالدرجة الأولى لعلاقة ذلك  بالأدب والكتابة على وجه التحديد- وكيف تلقّتها النّخب الثقافية في الأوساط العربية التي ميّزها بعض التحفظ في ظلّ اختلاف الرؤى والمرجعيات بين تياريْ “التأصيل، والمعاصرة ” لنختتم هذا الفصل بمكانة اللغة العربية وآليات تفعيلها في ظلّ هذه التحولات.

في الفصل الثاني من هذه الدراسة، تطرّقنا إلى التحولات التي عرفتها الكتابة بفعل تأثير “العولمة”، حيث تطرّقنا إلى المتغيرات التي طرأت على الكتابة الشعرية العربية في المتون والعناوين وحتى المعجم اللّغوي، وقدّمنا نماذج في هذا الشأن، كما ناقشنا قضية جوهرية تتعلّق بانسحاب الشعر لصالح الرواية ومدى فعلية هذا الطّرح من خلال تسجيل قراءة في مجموعة من المعطيات والأرقات التي تثبت إلى حدّ ما حقيقة هذا الانسحاب، ثمّ تناولنا المنجز السّردي من خلال تجارب روائية مختلفة عبّرت بصوت عال عن هذا التحول بدء بالعتبات وانتهاء بالبنى السّردية مقدّمين في ذلك قراءة “مسْحية” تُبرز بوضوح حيثية الحراك الذي يخيّم على المشهد الأدبي برمّته.

وأفردنا الفصل الثالث من هذه الدراسة للأدب الرقمي الذي يُعتبر آخر تقليعات هذا التحول المعيش والمتسارع في ظلّ الثورة الرقمية التي أثّثتْ منجزات سردية عديدة، وأوجدت قارئا/ متلقّيا رقميا متعدّد الوظائف، وفتحت الباب على تجريب مختلف، تجريب قائم على التقنية بكل ما تحمله الكلمة من دلالة انطلاقا من التجربة الرائدة للمبدع “محمد سناجلة” ورواية “شات” حيث أفرزت ما يُعرف برواية الواقعية الرقمية بعد مرورنا على تجربة الشعر البصري وتجربة “عباس مشتاق معن” في هذا الشأن ما طرحَ إشكالا يتعلق بأجناسية الأشكال الأدبية في ظل التحولات الجديدة.

ثمّ تناولنا تجربة جزائرية أولى في هذا الشأن أقدم عليها الدكتور “حمزة قريرة” الذي نصّب منصّة تفاعلية وقدم نماذج أولى لنصوص رقمية شعرا ورواية ومقامة إضافة إلى أدب الأطفال محاولا التعريف بهذا الأدب الجديد الذي بدأ يعرف طريقه إلى القارئ العربي.

غير أنّ السؤال الأعمق الذي بقي مطروحا في نهاية هذه الدراسة في شقها الأول عن جدوى النقد في ظل هذه التحولات خصوصا مع “مسنونات” المناهج، وهل لديه القدرة على التكيف والتفاعل وإيجاد آليات جديدة، أمْ أنّه زمن موت النّاقد الذي كان طرفا يوما ما في “موت المؤلف”؟؟؟

إنّ هذه الدراسة لا تزعم قول كل شيء عن الأدب الرقمي، وتبقى محاولة أولى في انتظار جزأيها الباقيين للوقوف على تخوم الأدب الرقمي وتجلياته في زمن الدارة الكهربائية.

– م دراسات:

من خلال ما قمتم به من مجهود في هذا المجال هل عثرتم على ما يمكن أن يكون خطرا على العلاقة المباشرة بين القارئ والكتاب الملموس ورقيا؟

-د/ بشير ضيف الله:

-إطلاقا، نحن نتوجه شيئا فشيئا نحو القرية الرقمية، غير أنّ الكتاب الورقي يبقى له حيّزه الخاص و الخالص، فهو اليوم تجربة “لذيذة” نعود إليها بشيء من الحنين، ولا أظن أبدا أنّ خطرا ما سابقا أو لاحقا من شأنه أن ينفض الساحة حوله.

– م دراسات:

ماذا تقصدون بالتحول هل هي حركة آلية نقوم بها ككتاب وقراء بشكل عفوي كما انتقل الإنسان سابقا من الكتابة على الأحجار إلى الكتابة على الورق، أم  أن التحول الذي تقصدونه حركة فرضتها تقنيات العولمة بشكل من أشكال السيطرة أو التوجيه الإجباري؟

– د/ بشير ضيف الله:

– التحول سنّة كونية، والتعايش معها ضرب من الواقعية، وأذكر هنا مقولة لابن قيم الجوزية –رحمه الله- في كتابه (الفوائد) إذا يقول فيما معناه أنّ من لا يعش الواقع، لاواقع له، فلكلّ عصر أدواته و معطياته دون الإخلال بسابقه..وهكذا

– م دراسات:

هل – برأيكم – العولمة خدومة لنا كعرب لتصل كتاباتنا إلى الآخر، أم أنها خدومة للآخر حتى يصل إلى ما نكتب في شكل من أشكال التجسس أو السيطرة، باختصار هل العولمة فكرة نبيلة أم وراءها خبث ما، قد يُراد به مثلا حرق الذاكرة عن بعد.

– د/ بشير ضيف الله:

–  من حيث المبدأ هي اختراق، ومن حيث الواقع والنتائج خصوصا على الساحة الفكرية والأدبية فقد كانت سببا “إنسانيا” لتقريب وجهات النظر، والتعريف بالمبدعين والمثقفين، فالإنغلاق  في الشقّ الثقافي – على الأقل-يجعل الهوة سحيقة بيننا وبينهما، فلا مهرب منها إلاّ إليها، وإلاّ فالعودة إلى الحياة الأولى خارج المكان والزمان واختيار انزواءة  في دغل ما من أدغال هذا الكوكب. 

– م دراسات:

ما الأقرب إلى الذاكرة الكتاب الملموس ورقيا، أم التصفح الافتراضي الرقمي للنصوص، ألا تلاحظ سيدي أن العولمة التي تعتمد على الأقراص الصلبة قد جنت على الذاكرة الطبيعية للإنسان، وصارت تطغى عليها المحمولات من الأجهزة الالكترونية؟

– د/بشير ضيف الله:

– الكتاب الملموس أقرب طبعا، لكن قد لا يشبع حاجة النفس/ الرقمية/ المترفة/ التواقة إلى عيش اللحظة بكل تفاصيلها.. فالنصوص الرقمية الآن تعبّر عن واقع إنسان القرن الجديد الذي لايقبل الهامش.

– م دراسات:

الوضع الطبيعي للكتاب في الرف الخشبي ورائحته، وتلك العلاقة النفسية التي تدفعنا إلى احتضانه كلما نُعجب بفكرة من أفكاره.. كيف نعوّض كل ذلك أمام ما تفرضه العولمة من تقنيات حديثة سلكية أحيانا ولا سلكية أحيانا أخرى؟

– د/ بشير ضيف الله:

– لم لا نعمل على تحقيق “الحنييْن” معا.. النّص الرقمي، والنّص الورقي، فنكون كمن يتزوج امرأتين، واحدة متلفّعة بالأصالة والتراث، وأخرى منفتحة بكل ما يحمله الانفتاح من غنج… فأينما توجهت وجدت ذاتك…

– م دراسات:

كيف تنصح الجيل الجديد الذي تناولته العولمة وشدّت بناصيته، وقد تجعله ينسى تماما حالة سابقة تُسمى توثيق ورقي؟

– د/ بشير ضيف الله:

– الجيل الحالي جيل رقمي بامتياز، وإذا أردنا ربطه بماضيه فمن خلال استغلال رغبته وقدرته العجيبة على التعامل مع الجديد كأنْ ندفعه إلى توظيف قدراته في الحفاظ على المخطوطات باستعمال التقنية الرقمية مثلا، وإنشاء مشاريع في هذا الشأن والأمثلة كثيرة..