مختار أمين في قراءة: “الرمز من خلال المعنى في القصة القصيرة جدا” في قصة (شراعة) للكاتب” عماد أبو زيد/مصر.


 مفهوم الرمزية في الأدب

أبسط معنى للرمزية هي المثل البلدي في الحكاية، عندما نحكي حكاية لشخص وهو بعيد عن مناخها وبيئتها نضرب له مثلا (بلدي) من بيئته ليستدل به على المستور عليه من طبيعة الحكاية كي يفهم به ما خفي عليه..
إذن دور الرمزية عكس ما البعض يفهمه على إنه الغموض والتعتيم والتفلسف أحيانا، ولكن دور الرمزية هو الشرح والإيضاح، أي تبسيط ما غلق أو ما عُتم، ولهذا لم تؤلف المدرسة الرمزية في الأدب كحلية أو زينة نسائية زائدة من جملة إكسسوارات امرأة تعد كل ما لديها لتتزين في حفل عرس، ولكنها بمثابة الدليل الراشد الفصيح، هي كعصا موسى “هي عصا أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي، وليَ فيها مآرب أخرى” عصا موسى التي ممكن أن تنقلب إلى معجزة خارج المألوف والطبيعي لتستخرج منا الابهار والادهاش، وليس على إطلاقهما ولكن للمعنى المراد لمجراياتهما، هكذا تفعل الرمزية في الأدب..
المتعارف والمستعمل الشائع للرمزية هو استخدام الرمزية في اللغة الفنية -اللغة الأدبية- وغالبا ما تكون على حدود تفسير وإيضاح العبارة أو الجملة، ومن النادر القليل أن تستخدم الرمزية في موضوع النص، أي في معنى النص ذاته، ولكنه من الضروري وضمن آليات القصة القصيرة جدا، لابد لهذا الجنس الأدبي على الخصوص أن يكتب بالأسلوب الرمزي، وتعد الرمزية من جماليات لغته الأدبية وخاصة الرمزية في الموضوع..
وفي نص شراعة للكاتب عماد أبو زيد، تتجلى الرمزية في الموضوع بشكل احترافي صفات وعلامات المهنيين المتمرسين في كتابة هذا اللون من الأدب..
 
النص:
شراعة:
ماذا حدث أيها الباب؟
في باكورة كل يوم أضع عينيّ تحت قدميك الراسختين.. أبحث عن رسالة تركها البوسطجي في أمانتك، سامحني إن لم أعد أبتسم كما كنت، وأنا أحني رأسي لك والفرحة تملؤني.. أخطف الرسالة من فوق بلاطاتك، لكن نور شراعتك يربت عليَّ.
 
تحليل النص:
في الموضوع:
  إذا تطرقنا للكشف عن الرمزية في الموضوع لابد لنا أن نبحث عن الفكرة التي أراد الكاتب أن يغزلها في موضوع قصته، فالفكرة هي محور الرمز والكشف عن مدى عبقريته..
هل الفكرة التي أراد الكاتب أن يدسها في نص قصة قصيرة جدا، يقصد بها الشراعة تلك الفتحة البسيطة من (عقب) الباب تسوق بصيص ضئيل من النور ليسري داخل غرفة مظلمة منعزلة عن عالم الفضاء من حولها لتبعث الأمل للشخص المعزول بداخلها ينتظر أن يتذكره واحدا من الناس خارجها أو شخص بيعنه ينتظر أخباره على نار الشوق؟ هل أراد بفكرته أن يحدثنا على نوع ما من الوحدة والانعزال، وصاغ هذه التقنية ليقربنا مسافة من الإحساس بحبيس في زنزانة سجن؟ هل أجاد في أن يصوّر لنا أن كل مخلوق له سجن خاص به خلف بابه المغلق، ويرجو مدد الأمل من رسالة تلقى من شراعة الباب؟
  كل هذه الأفكار وأكثر منها ساقها إلينا نص القصة القصيرة جدا شراعة برمزيته المتقنة بسلاسة، وخفة روح قلم موهوب معتاد على هذا النوع من القص ويعتاد على أسلوبه القص ذاته…
 النص الأدبي الذي لا يبرح مخيلتك لوقت طويل ويجعلك تفكر، ويسوق إليك الأحداث والأفكار من تحت ساتر سطوره هو نص عبقري لكاتب مبدع كـ عماد أبو زيد
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

أضف تعليق